السبت، 22 نوفمبر 2014

خفايا مشروع " بيفن سفورزا " لتقسيم ليبيا






بسم الله الرحمن الرحيم 

التاريخ 1945 , الزمان انتهاء أشرس حرب عالمية شهدتها تاريخ البشرية بإنتصار لقوات الحلفاء على قوات المحور , المكان أرض بشمال أفريقيا تُسمى ليبيا , كانت سابقا ضمن مخططات و أطماع الفاشية الإيطالية لجعلها مقاطعة خاصة بها و الشاطئ الرابع لروما عاصمة إيطااليا .

بخسارة إيطاليا للحرب العالمية  , و التي كانت من ضمن دول المحور , فقدت كل سيطرتها على كامل التراب الليبي لصالح قوات الحلفاء و اهمها بريطانيا و فرنسا أمريكا , و لكن لخبرة و دهاء الإيطاليين في معتركات السياسة من جهة و الإحتلال من جهة  فقد أقنعوا بعض دول الحلفاء على الإتحاد من أجل إقتسام الكعكة الليبية بالتساوي و بصفة شرعية من الأمم المتحدة . 

فمع إنتهاء الحرب العالمية أصبح العالم يتجهز لتشكلات سياسية و أقليمية جديدة أساساها الدول المنتصرة , و لدهاء الدول الكبرى فلقد حاولوا دائما إضفاء الشرعية على كل تحركاتهم  , و ليبيا أكبر مثال على ذلك , ففي خلال السنوات من 1945 حتى 1949 كانت القضية الليبية تعتبر من القضايا الساخنة و المتوترة داخل أروقة الأمم المتحدة , فمن جهة يرى الغرب و أوروبا ان  الليبيين ليسوا بقادرين على إدارة البلاد الان و يجب فرض وصاية على البلاد , شرط ان يتم منح الاستقلال لهم بعد عشر سنوات من الوصاية , و من جهة يدافع الوفد الليبي على أحقية الليبيين في الاستقلال و تقرير مصيرهم بانفسهم .

كان يمثل ليبيا في الأمم المتحدة وفدان هما وفد المؤتمر الوطني البرقاوي المكون من عمر فائق شنيب وخليل القلال وعبد الحميد العبار وعبد الرازق شلقوف . ووفد هيئة تحرير ليبيا المكون من منصور بن أقداره والدكتور على نور الدين العنيزي والدكتور محمد فؤاد شكري (مصري الجنسية – مستشار للوفد)


الوفد الليبي صحبة مندوب الوفد العراقي 

خلال الاربع سنوات مررت العديد و العديد من المشاريع التي تحاول ان تفرض الوصاية الاجنبية على ليبيا , وما منع نجاح هذه المشاريع هو توفيق من الله اولا و من ثم الإختلاف الحاصل بين الدولا لكبرى فلكل منها نوايا و اطماع داخلية تتمنى ألا يشاركها فيها أحد .

للإطلاع بشكل اكبر و ادق على المشاريع  المقدمة و مواقف الدول الكبرى من قضية إستقلال ليبيا يرجى الضغط على الرابط :-

http://cutt.us/XktQs  " رابط الموضوع ع الفيسبوك " 
أو 
http://cutt.us/Lr6gl  " رابط الموضوع على المدونة "


المهم انه بعد اخد و رد و تقديم عدد من المشاريع كان هناك تحرك أو بالاصح مؤامرة و اتفاق سري بين كل من وزير خارجية بريطانيا  (أرنست بيفن) ووزير الخارجية الإيطالي (الكونت كارلو سفورزا) وهو الاتفاق الذي اشتهر قيما بعد بمشروع (بيفن / سفورزا ) .

لم يشتهر أي مصطلح في مفردات السياسة الليبية في المرحلة التي سبقت الاستقلال مثلما اشتهر مشروع (بيفن/سفورزا)، واستحق اللعنات من كل المواطنين على أنه وجه قبيح للسياسة الاستعمارية، مليء بكل أنواع الخداع والغدر. ولقد كان هذا المشروع مدعاة لنقمة الشارع الليبي، وعاملا على تحفيز الهمم وفتح عيون الليبيين على طبيعة وحجم المؤامرات التي تحاك ضد بلادهم. 


وينص المشروع على ما يلي:

أولا: تحصل ليبيا على استقلالها بعد عشر سنوات من تنفيذ هذا القرار بشرط أن تقرر الجمعية العامة للأمم المتحدة أن هذه الخطوة مناسبة.
1) وضع برقة تحت الوصاية الدولية، على أن تتولى المملكة المتحدة إدارتها، دون أن يؤثر ذلك على وحدة ليبيا.

2) وضع فزان تحت الوصاية الدولية، على أن تتولى فرنسا إدارتها، دون أن يؤثر ذلك على وحدة ليبيا. 

3) وضع طرابلس تحت الوصاية الدولية في نهاية عام 1951، على أن تتولى إيطاليا إدارتها، دون أن يؤثر ذلك على وحدة ليبيا. على أن تستمر الإدارة العسكرية البريطانية المؤقتة بعملها خلال فترة الانتقال بمساعدة مجلس استشاري يتكون من ممثلين عن (مصر، فرنسا، إيطاليا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة، وممثل عن الشعب)، على أن تحدد اختصاصاته بالاتفاق مع الإدارة.

ثانيا: العمل على تنسيق السياسة بين الإدارات الثلاث حتى لا ينشأ ما قد يعرقل استقلال ليبيا أو يؤثر في وحدتها. ويتولى مجلس الوصاية الدولية التابع لهيئة الأمم المتحدة متابعة تنفيذ ذلك.

وبينما كانت المناقشات في اللجنة السياسية على أشدها، كان الانفجار الغاضب في كل مدن ليبيا وقراها، فقامت المظاهرات والإضرابات رفضا للمشروع وتعبيرا عن مناهضة أية فكرة ترمي نحو عودة الحكم الإيطالي، وإبداء للاستعداد لمقاومة إيطاليا بالقوة المسلحة إن لزم الأمر، وتعالت الهتافات مطالبة بالاستقلال والوحدة، ووجه المواطنون سيلا من البرقيات والنداءات إلى زعماء البلاد للاتحاد ومواجهة الموقف، ووجهت برقيات إلى الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لجامعة الدول العربية، كما وُجهت برقيات إلى وزير خارجية بريطانيا واصفة اتفاقه مع (سفورزا) بأنه خال من أي خلق ويتعارض مع الوعود التي قطعتها بريطانيا إلى الشعب الليبي. 

تم قبل التصويت على القرار عمل مناقشة سياسية  و تصويت على الفقرة الخاصة بالوصاية  و هي لب الموضوع و الخاصة بفرض الوصاية و قد كانت نتيجة التصويت المبدئي على الفقرة مريحة جدا لمقدمي المشروع حيث نالت الفقرة ثلتي عدد الموجودين بالضبط وهو من شروط تمرير أي قرار .

الوفد الليبي حاول بكل السبل إستمالة أعضاء الوفود لمعارضة المشروع حيث تمكن الدكتور علي نور الدين العنيزي من عقد صداقة مع المندوب الدائم لدولة هايتي السيد (أميل سان لو) لما لمس فيه من تعاطف مع قضية الشعب الليبي، وأقنعه بضرورة معارضة الوصاية الإيطالية على طرايلس، وكان الأمل معقودا على الموقف الشخصي للسيد (سان لو)، فقد كان معروفا أنه كان قد تلقى تعليمات من حكومته بالتصويت إلى جانب المشروع، وقد صوت بالفعل إلى جانب مشروع القرار في اللجنة السياسية. وقد تطلب الأمر من الدكتور العنيزي ملازمة (سان لو) معظم تلك الفترة مذكرا إياه بما لاقاه الشعب الليبي من معاناة تحت الحكم الإيطالي. وقد نجح الدكتور العنيزي في حمل السيد أميل سان لو على أن يصوت خلافا لتعليمات حكومته.

عُرض المشروع على الاجتماع العام للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 17 مايو 1949، وكان يتطلب ثلثي الأصوات لإقراره. وكانت الصورة واضحة والأصوات محسوبة، فالمشروع سيتحصل على أغلبية الثلثين إذا صوتت له دول أمريكا اللاتينية والدول المؤيدة لمبدأ فرض وصاية على ليبيا، 

بدأ التصويت على القرار و تم حساب عدد مؤيدي القرار فكان  الفارق صوتا واحدا ليصل ثلتي الأصوات ، هو صوت مندوب هايتي (أميل سان لو)، الذي غير تصويته عما كان عليه في اللجنة السياسية. وبسقوط هذه الفقرة أصبح مشروع القرار آيلا للسقوط إذ لم يعد لدول أمريكا اللاتينية أية مصلحة في تأييده، و هي أشرت لها في منشور و تدوينة سابقة لها مصلحة مع إيطاليا كونها تتحد معها في الدين الكاتوليكي  , و انهار مشروع  بيفن سفورزا على الفور بفعل رجل واحد .

وعلى إثر سقوط هذا المشروع، بادر الوفد العراقي بتقديم مشروع قرار يقضي بمنح ليبيا استقلالها فورا، وتقدمت دول أخرى منها الباكستان بمشروعات قرارات لإبقاء القضية الليبية حية في الأمم المتحدة، غير أنها رفضت جميعا، وقبل اقتراح تقدمت به بولندا يقضي بإحالة القضية إلى الدورة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة. و بعد هذا القرا كان الطريق ممهدا لإعلان إستقلال ليبيا بالاجماع في العام 1951 , والذي سنفرد له تدوينة خاصة عن ما بعد مشروع بيفن سفورزا و حتى إعلان الملك الاستقلال , و سأسلط الضوء قليلا على رجل المرحلة في تلك الفترة  وهو الدكتور سان لو مندوب هايتي .


نبدة صغيرة عن الدكتور سان لو من مجلة المعرفة عام 1952 " للتكبير إضغط على الصورة " 

الدكتور سان لو  هو الذي خالف أوامر بلده بالموافقة على قرار بيفن سفورزا و  فقد سانلو منصبه ووظيفته ثمنا لذلك الموقف، فما كان من الملك ادريس السنوسي الا ان اصدر مرسوما ملكياً يقضي بتعين سان لو مستشارا للسفارة الليبية في الولايات المتحدة الامريكية بعد ان فصلته هايتي من منصبه، وبمنحه مرتبا طوال عمره تقديرا وعرفانا لموقفه، ومنح وسام الشجاعة،


سان لو في زياة لليبيا بعد الإستقلال 

 واطلق الليبيون اسم هايتي علي احد شوارع مدينة طرابلس لما يمثله الاسم من رمزية فارقة في التاريخ الليبي. 


شارع هايتي في العاصمة الليبية طرابلس. يظهر جامع ميدان الجزائر خلف الشارع



وفي سنة 1957 زار السيد سانلو ليبيا واستقبل استقبالا حار، واقيم له احتفالا ضخماً في مدينة بنغازي يليق بموقفه التاريخي ،بعد ذلك اطلق اسمه علي شارع مهم في  مدينة طرابلس .

و هذه بعض الصور لزيارة الدكتور إيميل سان لو لليبيا في العام 1975 من مجلة المعرفة .










و بعد التحرك العسكري في العام 1969 و الذي نفده بعض ضباط الجيش الليبي في تلك الفترة أنقطع مرتب سان لو و لم يعد له ذكر او لموقفه إلا أسم شارع هايتي بطرابلس و المعروف حتى الان بنفس الأسم . 

فله منا كامل الإحترام و نسأل الله أن يهديه للإسلام جزاء على مافعله معنا .

كتابة و تجميع المادة / صلاح الدين البُطي .

حقوق نشر التدوينة مفتوحة شرط ذكر الكاتب .

المصادر / 
  1. د . إبراهيم صهد . " إستقلال ليبيا .
  2. د. محمد فؤاد شكري، ميلاد دولة ليبيا الحديثة.
  3. Adrian Pelt, Libyan Independence and the United Nations.
  4. الصور المرفقة هي تجميع خاص من المدونات و المواقع المختلفة .

هناك 7 تعليقات:

  1. احيانا افكر في الموضوع بطريقة ساخرة واقول ان السيد ايميل في لحظة سكر عميقة واثناء التصويت قرر ان يدخل التاريخ فرفع يده وهو يصيح "فلتكن هناك ليبيا" بعد ان سئل هل شمال افريقيا بعيد عن هاييتي؟ حتى لا نتضرر منهم.وفي ذلك اليوم بكى سكان المنطقة بالكامل، ومنها صار اللي صار.
    مجرد مزاح وسخرية :)

    ردحذف
    الردود
    1. هههههه و ني مرات نفكر نقول كان ضرباته سيارة وهو جاي للجلسة راهو ليبيا توا زي دبي مع الوصاية الاجنبية هههه

      و في الاخير ليقضي الله أمرا كان مفعولا .

      سعدت بمرورك خوي وسام

      حذف
  2. منور ع المجهود صلوحة

    ردحذف
    الردود
    1. الله يسلمك دكتور ^_* . من كساد البلاد قعدنا نفتشوا ع التاريخ ^^"

      حذف
  3. جميل جدا ..
    مجهود يذكر فيشكر ..

    ردحذف
  4. شكرا على المعلومات القيمة

    ردحذف
  5. تحليل غير صحيح .. مشروع بيغن سفورزا ساقط ساقط ذلك ان التصويت على بنوده بندا بندا وعند التصويت على بند الوصاية الايطالية فإن دول امريكا اللاتينية ستصوت لصالح بند الوصاية الايطالية وعند التصويت على بند الوصاية الانجليزية ستصوت دول امريكا اللاتينية ضد بند الوصاية الانجليزية...
    وسان لو بوعبع صدقناه والدور يرجع للامريكان

    ردحذف