الجمعة، 27 فبراير 2015

العلم في زمن كوليرا الحروب , واقع متأزم لأحلام تتقزم





السلام عليكم ... قصة العلم في زمن الحروب .. ليبيا 

إعادة تدوير الإسفلت Recycle Asphalt Pavement "RAP"


بقلم / صلاح الدين البُطي 



طوال 3 أشهر من نهاية العام 2012 ظللنا نبحث انا و زملائي عن موضوع مميز يكون هو اساس مشروع تخرجنا , بحثنا و قلبنا الكتب و سألنا الأساتذة حتى أرشدنا الدكتور عبدالعزيز مراد أستاد بكلية الهندسة القسم المدني بجامعة سرت , لموضوع مميز جدا لم يسمع من قبل انه قد تم البحث فيه,  وهو الجدوى الإقتصادية من إعادة تدوير الركام الإسفلتي ومدى صلاحيته لتدويره من جديد في الطرق الحديثة , فالموضوع اساسا ليس بالرائج في دول العالم الثالت نظرا لان قضية إعادة التدوير لا تلقى رواجا في دول العالم الثالت لما لديها من مشاكل أكبر و أعمق .

و على طوال 6 أشهر من العام 2013 أنهكنا المشروع لعدة أسباب  فقد ظللنا نبحث عن المعلومة التي تقودنا للبدء في المشروع خصوصا أننا اكتشفنا ان البحوث الهندسية في ليبيا تفتقر بشكل حاد جدا لمثل هذه المواضيع التي تتمركز أساسا على توفير الاموال وحماية البيئة , و انهكنا توفير العينات التي نحتاجها للتجارب المعملية .

وصلنا بحمد لله و منته إلى نهاية المشروع و بجهد من الدكتور عبدالعزيز والذي وافق ان يكون مشرفا على المشروع و تمت المناقشة بعد شهر رمضان المبارك بعد ان أخرجناه إخراجا ممتازا على برامج "  الباوربوينت و الوورد " و تحصلنا على درجات ممتازة جدا في المشروع نلنا من خلالها إستحسان الكثير لفكرة المشروع الجديدة و طريقة عرضنا له .

مرت الشهور و تناهى لمسامعي أن هناك جائزة تقدمها الهيئة الليبية للعلوم و الإبتكار لمشاريع التخرج التي يكون أساسها الإبتكار و الحداثة , فما كان مني إلا أن عرضت الموضوع على زملائي بالمشروع و الدكتور المشرف , و على الفور وافقوا على أن نشارك بالجائزة و نضع نصب اعيننا ان نشارك لنفوز بالترتيب الأول نظرا لثقتنا بالله سبحانه و تعالى اولا و ثقتنا بأنفسنا ثانيا  و ثقتنا بموضوع بحثنا المميز ثالتا .

كانت من اهم و أصعب شروط المشاركة هو ضغظ و تصغير عدد ورقات المشروع من 64 ورقة حتى 6 ورقات فقط و هو أول شرط من شروط المسابقة , مما كان يستدعي العمل من جديد و إعادة كل الأفكار بالمشروع من جديد حتى نضع اهم النقاط و الرسومات و الأشكال و الجداول المهمة في الـ6 صفحات التي سنرسلها للجنة المسابقة , و بعد عناء كبير حقيقة أستدعى 3 شهو اخرى من العمل على تدارك بعض الاخطاء التي أرتكبناها أثناء مشروع التخرج سابقا قدمنا ورقة العمل الخاصة بنا للجنة المسابقة على أمل أن نجتاز المراحل الأولى حتى النهائية .

أرسلنا ورقة العمل ليلة 30/9/2014 أي قبل إقفال المسابقة بيومين فقط , و بتنا ننتظر الرد بعد شهر حسب جدول المسابقة المعلن , و  في بداية شهر نوفمبر تلقينا رسالة ألكترونية مفاداها ان النتائج ستتأخر حتى متصف الشهر لبعض الظروف , و أنتظرنا حتى الموعد المعلن و بحمد الله و منته تم قبول بحثنا بدون أي تعديلات , و كان علينا إنتظار نتيجة المرحلة الثانية و التي تسبق النهائية و التي تستغرق قرابة الشهر ونصف .

مرت المدة المحددة للمرحلة الثانية ببطء شديد نتيجة لإنتظارنا للنتيجة و أيضا بحمد لله وصلنا لنهائيات جائزة ليبيا للإبتكار بطرابلس و تم توجيه دعوة رسمية لنا للحضور مطلع شهر يناير من العام 2015 مصحوبين ببحث التخرج ورقي و عرض شرائح " باوربوينت " , و رسم توضيحي " إنفوجرافيك " يبين تفاصيل بحث التخرج وهو الصورة المرفقة بالتدوينة , و قد تم إختيار عدد 39 بحث تخرج من كافة ليبيا من أصل 149 في البداية .

الرسالة الرسمية التي أرسلتها الهيئة بحخصوص قبول بحثنا في نهائيات جائزة ليبيا للإبتكار 

لمشاهدة الصورة بالحجم الأصلي قم بالضغط عليها او فتحها بصفحة لوحدها
 الإنفواجرافيك من تصميم صلاح الدين البُطي

من هنا بدأ العمل من جديد على تجهيز عرض يليق باسم جامعة سرت كوننا الوحيديون الممثلون لها , و أيضا ان يستوفي العرض حق البحث بالكامل , و قد شكلت إدارة كلية الهندسة بالجامعة لجنة من الأساتذة لنعرض عليهم العرض النهائي الخاص بنا كي يتم تصحيح أي اخطاء علمية او إخراجية بالبحث و يخرج العرض في ابهى حلة لنظفر بالترتيب الاول وهو الذي صممنا عليه من البداية . و بعد جلستين مع إدارة الكلية من عميد و أساتذة تمت الموافقة على العرض النهائي الذي سنعرضه يوم 10 يناير من العام 2015.

في هذه الفترة كان شرق البلاد يأن تحت الحرب الاهلية مما صعب الامر كثيرا على زملائنا بالشرق الحضور للجائزة في الموعد المحدد , مما حدى باللجنة المنظمة ان تؤخر النهائي أسبوعين اخرين حتى يتسنى لزملائنا بالشرق الحضور و المشاركة , و مر الأسبوعان و كما كنت اتوقع فقد دخلت البلاد في مختنق مالي ضيق جدا , فقد تم تأجيل النهائي أسبوع أخر بسبب بعض الإجراءات المالية للجنة المنظمة , ليكون الموعد النهائي لها يوم 22 يناير 2015 .

أقترب يوم 22 و كنا على وشك السفر صحبة الدكتور المشرف عبدالعزيز مراد , لكن وجدنا بريد ألكتروني من اللجنة المنظمة يخبرنا ان الحسابات المصرفية للهيئة الليبية للعلوم و الإبتكار قد تم تجميدها من قبل جهاز الرقابة نظرا للضائقة المالية التي تمر بها البلاد , مما حدى باللجنة أسفين ان يعلنوا عن تجميد المسابقة إلى أجل غير مسمى حتى يفرج الله على البلاد وتُحل الأزمة المالية .

حقيقة أسفنا جدا للخبر و قد كنا نرى أن هذه المسابقات هي بصيص الامل الذي يجب التشبث به في زمن الحروب ,  و لكن ما باليد حيلة إلا التوكل على الله فهو اعلم منا بمجريات الواقع و المستقبل و لا يقفل باب إلا ليفتح أبواب , و لكن ما هي إلا أيام مرت و كدنا ننسى أمر الجائزة حتى فجعنا بنبأ خطف الدكتور عبدالعزيز مراد و المشرف الرئيسي على المشروع و الذي أتعبناه بشكل كبير ليل نهار خلال تجهيزنا للمسابقة.

الدكتور للأسف لايزال مختطف حتى الان من قبل عصابة مجهولة و لا ندري ماحالته الصحيه حتى الان .

كتب بتاريخ 24/2/2015 


هناك 6 تعليقات:

  1. ما شاء الله ... مجرد الوصول الى هذه المرحلة و التفكير بهذه الطريقة يعد انجاز يشار إليه بالبان في وسط هذه المعمعة التي تعيشها البلاد .... يجب ان يحفزكم ذلك لخطوات اكبر و انجاز اوسع .... استمروا و نسأل الله لكم التوفيق و السداد.
    خليفة شلوف.

    ردحذف
  2. سرد جميل جدا ونهاية صادمة كحال أغلب النهايات لهذا الواقع المؤلم ..
    إجتهاد رائع منكم ورغبة الفوز كانت أكبر من كل العراقيل ، اتمنى لكم التوفيق ولو حتى في مشاركة عربية لمشاريع مماثلة ..
    الله يفرج علينا

    ردحذف
  3. يكفيكم شرفا انكم ترتقون في زمن السقوط والانهيار ...انصح بالتواصل مع الخارج لعل مشروعكم يجد قبولا او يطور الى شكل استثماري "ربحي"
    وفقك الله ومن معك ..عدي التريكي

    ردحذف