عندما يُسيطر فكر القطيع على العقل الواحد !
المُجتمع الليبي ككل المُجتمعات في العالم به صاحب الضمير الإنساني الحي و صاحب الضمير المالي الميت وما بينها يكون ضمير مستثر تقديره حي في أوقات و ميت في اخرى، وما نشاهده يوميا أو اسبوعيا من قصص تطفو على السطح لا يجب ان نتعمال معها بتجرد تام و الحكم عليها بمنأى عن كل العوامل المؤثرة الاخرى و الأسباب المتغيرة و طبيعة النفس البشرية !
أسواق النخاسة موجودة و قد تم الحديث عنها من قبل و المُنكر لها هو فقط لم يتعمد البحث جيداً إنما أيضا يجب ان نركز انها ليست بالمعنى الحرفي لأسواق النخاسة التي يظنها الكثير خارج ليبيا، فهي أسواق تابعة فقط لخطوط العبور فالمُهربين يبيعون المهاجرين - للأسف - لعدم قدرة كل مُهرب أن يتخطى حدود سطوته في منطقة نفوذه فهو يبيعه لمن يستطيع أن يوصله للنقطة القادمة و هكذا، وهذا بلا شك وصمة عار في حق هؤلاء المهربين و لكن نحن الان نتحدث عن ضمائر تحتكم فقط للمال و هو كالنجم القطبي لهم يهتدوا به هو فقط ليققوا الكسب المالي الهائل و السريع.
شبكة CNN لها الحق في إجراء أي تقرير و كعادت كل هذه الشبكات تسعى للسبق الذي يُحدث الضجة و لكن يجب ان نُمعن النظر نحن في من يتخد هذا السبق الصحفي للتشهير بالبلاد عن قصد و توجيه الرأي العام بقصد للقضية و جعل المواطن الليبي ككُل هو الوحش الذي يبيع - العبيد - في أسواق النخاسة المنتشرة في وسط البلاد جهارا نهارا !، إن هؤلاء طرف بالطبع يسعى لمصلحته ولكن نلوم و بقسوة وسائلنا الإعلامية التي لا تُركز على بعض الأعمال الموازية الأخرى بحق المُهاجرين فمنذ شهر مثلا أحد المواطنين في بني وليد قام برعاية بنت نيجيرية و جلبها لمنزله بعد ان كانت مُختطفة و احسن اليها و عالجها على نفقته في طرابلس و هي الان تدرس في بني وليد و تسكن مع عائلته بسلام هناك، و هناك ذاك الشاب الذي عندما شاهد أعداد المهاجرين في صبراته الكبيرة العطشة أبى أن يأخد أي قرش على الماء التي كان قد جلبها ليبيعها في نقطة تجميع المهاجرين بصبراته و قد كانوا بالالاف هناك - زملائي قد حضروا الحادثة - و المجال هنا ضيق لذكر كل القصص التي أعرفها بحكم مجال عملي، الشاهد في كلامي ان المثجتمع الليبي هو مُجتمع بشري تحكمه قوانين البشر الجيدة و السيئة فلا يجب الحُكم عليه من منظور واحد او من خلال نظرتك الضيقة أنت فقط، فنحن لا ننسى مثلا ما فعلته اليابان في الصين منتصف القرن الماضي وهم الأن أكثر شعب يُضرب به المثل في القيم و الأخلاق.
لا تكونوا كالقطيع تنجرون وراء حملة بسبب فيديو لا تعرف اي خلفيات عن موضوعه أو بسبب كتاب لم تقرأه أصلا أو طرف تعاديه ولم تعرف من الأساس لماذا تعاديه، كُن أنت الشخص الذي يُفكر بمنأى عن الكُل و يقود نفسه للُحكم بموضوعية فعلى الأقل حينها تقترب من المعنى الحقيقي لكلمة الإنسان العاقل الذي مُيز بالعقل دوناً عن كل المخلوقات في هذا الكوكب !
